المسؤولية القانونية عن اعمال التخدير الطبية

بقلم : القاضي كاظم عبد جاسم

تعد مهنة طب التخدير من المهن الجليلة و التي تتمتع بحالة من القدسية فهي قبل كل شي توصف بأنها من المهن العلمية . فضلا عن كونها مهنة إنسانية و أخلاقية تتطلب من يمتهنها أن يكون على مستوى عالي من التمكن العلمي والفني كما يجب أن يتمتع طبيب التخدير بقدر كبير من الثقة بالنفس و ان يباشر عمله بثبات واطمئنان لذلك توصف علاقة طبيب التخدير بالمريض على أنها علاقة إنسانية فضلا عن كونها علاقة قانونية تحتم عليه بذل كل ما بوسعه من عناية للمحافظة على حياة المريض و سلامة جسده . والعناية التامة لا يمكن أن تتحقق دون ان يستعين طبيب التخدير بأجهزة تخدير ذات كفاءة عالية من أجل تحقيق الغايات النبيلة و المتمثلة بشفاء المريض و سلامة الجسد و الحق في الحياة تكاد تكون من الحقوق المشتركة ما بين الفرد و المجتمع فلأي منهما الحق في المحافظة عليهما . و لأجل تحقيق هذا الغرض أباح المشرع للطبيب الإعمال الطبية التي تهدف إلى علاج المريض وإن كان هناك مساس بجسمه و مراعاة لحق الفرد اشترط المشرع حصول الطبيب على ترخيص قانوني لهذا العمل .

لاشك بأن أعمال التخدير الطبية سواء كانت في مجال التخدير أوفي العناية المركزة و الإنعاش الصناعي لا تخلو من الأخطاء الطبية . وان مهمة طبيب التخدير وهو يمارس أعمال التخدير الطبية مهمة شاقة تتطلب منه أن يبذل قصارى جهده من أجل أن لا يعرض المريض  للخطر و هذه قاعدة من أهم قواعد طب التخدير حيث ان على طبيب التخدير أن يقوم بمراعاة الأصول العلمية لإعمال التخدير الطبية , فإذا ما قام بإجراء لا تقتضيه الضرورة و ترتب على عمله وفاة المريض فهنا يسأل عن عمله هذا وتقوم مسؤوليته الجزائية فالمسؤولية القانونية هي التزام قانوني يقضي بتحمل الطبيب الجزاء نتيجة إتيانه فعل أو الامتناع عن فعل يشكل خروجا أو مخالفة للأحكام التي قررتها التشريعات الجنائية أو الطبية .

وتتعدد وظائف طبيب التخدير ضمن الفريق الطبي الجراحي بين تخدير المريض من اجل تهيئته للعملية الجراحية وبين مراقبته إثناء العملية وكذلك المسؤولية التي تقع على عاتقه في إفاقته بعد انتهاء العملية الجراحية . وعمل طبيب التخدير لا يتم الا من خلال الفريق الطبي الذي يعمل معه , والعمل الجماعي لا يخلو من الأخطاء الطبية التي يكون المتضرر الوحيد منها هو المريض . وطبيب التخدير و مساعديه لا يكونوا معصومين من الخطأ ضمن الفريق الطبي ومن يرتكب الخطا الطبي تتحقق مسؤوليته الجزائية . وقد خلت التشريعات العراقية من أي نصوص تشريعية أو تعليمات تنظم مهنة التخدير بصورة خاصة والعلاقة بين الطبيب الجراح و طبيب التخدير وهذا يعد نقصا تشريعيا نوصي المشرع العراقي بتلافيه ليواكب التطور التشريعي للمسؤولية الطبية .

وعلى الطبيب الأخصائي في التخدير و الإنعاش قبل أي عمل جراحي ان يعاين المريض و ان يطلع على ملفه الطبي وأن يأخذ من الطبيب الجراح المعلومات المفيدة وان يدون في الملف الطبي أي معلومات إضافية تتعلق بإعمال التخدير و الإنعاش وأن مهام وواجبات طبيب التخدير تفوق مهام الطبيب الجراح حيث ان الأخير ينجز واجبه عند إجراء العملية الجراحية للمريض إما طبيب التخدير فإن له ثلاث واجبات يبدأ الواجب الأول قبل إجراء العملية الجراحية ويتمثل في إجراء الفحوصات الأولية للمريض إما الواجب الثاني فيكون عند إجراء العملية ويتمثل في مراقبة الوظائف الحيوية للمريض ونبض القلب والتنفس في حين يكون الواجب الثالث مراقبة المريض بعد إجراء العملية الجراحية لحين استفاقته من تأثير المادة المخدرة واستعادة وظائفه الحيوية شكلها الطبيعي و أي تقصير أو إهمال في واجباته يكون عرضة للمسؤولية الجزائية إذا ما نتج عن ذلك الإهمال ضرر بالمريض .

وقد يكون الخطا المرتكب بين طبيب التخدير والطبيب الجراح مشتركا أو بين أعضاء الفريق الطبي مجتمعين وعلى مستوى القوانين الجزائية في التشريع العراقي لا يوجد نص قانوني يؤطر مسؤولية طبيب التخدير الجزائية عن الأخطاء الفنية التي تحدثها أجهزة التخدير الطبية . لذلك فإن من الضروري تشريع قانون يحدد المسؤولية الطبية دون الاعتماد على المبادئ العامة المنصوص عليها في قانون العقوبات العراقي .


أحدث أقدم