لماذا تخفف عقوبة قاتلة وليدها . بفعلها انهت حياة طفلها لتغطية فاحشتها



اتجه المشرع العراقي في قانون العقوبات في المادة 407 منه الى تخفيف عقوبة المراة التي تقتل مولودها التي حملت به سفاحا. ان قانون العقوبات يعرف الناس بالافعال  غير المباحة  و يقرر لها عقوبات  مناسبة تتناسب وظروف كل جريمة   فالاصل في الافعال هي الاباحة الى ان ياتي  نص قانوني يجرم هذا الفعل و يضفي عليه الطابع  الجرمي.

و يكون تجريم المشرع للفعل وتقريره العقوبة لكل فعل مبني على ابعاد متعددة منها اهمية المصلحة المراد حمايهتا من خطورة هذا الفعل و اهم مصلحة يهدف القانون لحمايتها هي الحق في  الحياة فالاعتداء على حق الانسان في  الحياة هو اخطر فعل ممكن ان يرتكب ولذلك قرر له المشرع اشد العقوبات سواء في  حالة ارتكاب الجريمة  بشكل بسيط  او في حال ارتكاب الجريمة مقترنة بظرف مشدد اذ قرر للحالة الاولى السجن الؤبد و في الحالة الثانية قرر لها الاعدام وهذا دليل على  ادراك المشرع لاهمية حياة الانسان .

ومن المعايير التي اعتمد عليها المشرع في تقرير العقوبات الى جانب اهمية المصلحة المعتدى عليها ظروف المجرم الشخصية و الظروف التي دفعته لارتكاب الجريمة و الغاية من ارتكابه للجريمة فهناك من يرتكب الجريمة بدافع شريف يبغى من وراءها تحقيق غاية  شريفة و هناك من يرتكب الجريمة بدافع دنيء يبغى من وراءها غاية دنيئة . اذ ليس من العدل ان تكون هناك مساواة في العقوبة في جميع الاحوال دون الاخذ بنظر الاعتبار بظروف كل جريمة وكل واقعة على جهة .

و مع ذلك لا يجوز و من غير المنطق ان ينصب التركيز و المراعاة في جانب واحد من الجريمة دون الاخر

 فكل جريمة لها جانبين جانب موضوعي يتعلق بالفعل المادي للجريمة والنتيجة المترتبة عليها و جانب اخر شخصي يتعلق بظروف مرتكب الجريمة والدافع لارتكاب الجريمة 

فتقرير العقوبة لكل جريمة يجب ان يكون بمراعاة الجانبين الموضوعي و الشخصي فاهمال احد الجانبين سيؤثر على فاعلية النص القانوني والغاية المتوخاة منه و بالتالي سيؤثر على الغاية المتوخاة من القانون بشكل عام 

فاتجاه المشرع في نص المادة 407 جاء مراعاة للجانب الشخصي الغير مشروع اصلا  من الواقعة على حساب اهمال الجانب الموضوعي الا و هو الفعل المادي للجريمة و النتيجة المترتبة عليه 

فجاء مخفف من عقوبة الام التي تقتل مولودها التي حملت به عن علاقة غير مشروعة . فلو ناخذ الواقعة ونفصلها لاجزاء متعددة نرى انها في كل جزء منها موقف محل للنظر

 لننظر للواقعة باجزاء متفرقة

1-علاقة محرمة شرعا 

2-علاقة ام بمولودها

3-جريمة قتل 

ففي كل جزء من الواقعة دلالة على خطورة اجرامية لا تستحق التخفيف بل على العكس تستحق التشديد على العقوبة

فان كانت غاية الام من ارتكابها للجريمة هو اتقاء العار فكان الاجدر بها التفكير بطرقة سليمة لتحقيق هذه الغاية و هناك العديد من السبل بغية تحقيق هذه الغاية بعيدا عن ارتكاب هذه الجريمة الشنيعة و من ابسط و اضمن هذه الوسائل هي ايداع المولود لدى دار الايتام لكي تتولى الدولة رعايته وهذه ابسط و افضل طريقة يمكن للام ان تتقي العار من خلالها بدل قتل روح بريئة غير واعية بماهية هذا العالم ومن الممكن ان تكون لها حياة مستقبلية لعيشها و تكون كائن اجتماعي يساهم في بناء مجتمعه فهي لم تقتل مولودها فحسب بل قتلت انسان من الممكن ان يكون جزءا من المجتمع و فردا له دور مساهم في سير الحياة

 فكان الاجدر بالمشرع تشديد عقوبة الام لقتلها مولودها بعد ان حملت به عن علاقة غير اخلاقية ومحرمة 

 لكون فعلها الجرمي ارتكبته لتغطية فعل فاحش غير اخلاقي و محرم في ديننا الاسلامي

و من المعروف ان اتجاه المشرع يساهم في توجيه افراد المجتمع نحو جانب معين فمثلا لو جرم المشرع فعلا معينا فان غالبية افراد المجتمع سيتجنبون هذا الفعل خشية من العقوبة المترتبة عليه فكلما تشدد المشرع بتجريم فعل ما  سيزداد تجنب الافراد لهذا الفعل و كلما تهاون المشرع في تجريم فعل معين فان الافراد سيتهاونون في تجنبه وهكذا تكون العلاقة طردية بين  اتجاه المشرع و افراد المجتمع

فاتجاه المشرع المتهاون في نص المادة 407 ينطوي على تشجيع ضمني لقتل الام لمولودها بعد ان حملت به عن علاقة محرمة فلو افترضنا ان المشرع لم يتهاون  في تخفيف عقوبة مثل هذا الفعل وتشدد في عقوبته فان ذلك سيؤدي الى التقليل من العلاقات المحرمة خشية من الحمل  

ولكن باتجاه المشرع هذا وكانه يبيح العلاقات المحرمة و يتهاون مع نتائجها فكانه يقول للنساء اللواتي يحملن عن علاقات محرمة لا تقلقن فلن تكون عقوبتكن بتلك التشديد

وهذا لن يؤثر بالمجتمع سوى بالاخذ به نحو الانحطاط و انتشار العلاقات المحرمة وانتشار جرائم قتل الامهات لاولادهن و هذا بالطبع يؤثر سلبا على مجتمعنا كمجتمع اسلامي لا تجوز فيه مثل هذه العلاقات و الافعال وتعد من ابشع و اخطر الافعال التي من الممكن ان ترتكب من قبل انسان مسلم و فردا في مجتمع اسلامي


أحدث أقدم