تاريخ جزيرة تايوان وطبيعة العلاقات الامريكية معها

 بقلم : نور الهدى فراس حسون


سنتطرق في هذا البحث عن تاريخ جزيرة تايوان المنفصلة عن جمهورية الصين الشعبية وطبيعية العلاقات الدولية معها بشكل عام والأمريكية بشكل خاص…وبعد ذلك سنقوم بطرح عدة تساؤلات ونجيب عنها بشكل مختصر.


تايوان هي جزيرة تقع في جنوب الصين يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة كانت تسمى سابقا ب(فوموزا)؛وهو اسم اطلقه البرتغاليون عليها ويعني الجزيرة الجميلة الا انهم لم يستعمروها بل تركوها لهولندا . لكن الصين قامت بتحريرها عام 1621 وطردوا منها الهولنديون إلى أن جاء اليابانيون واحتلوها عام 1859 ورجعت مرة اخرى اليها بعد خسارة اليابان في أعقاب الحرب العالمية الثانية عام 1949.لكن قبل ذلك قامت الصين بقيادة حكومة (شينغ) بتوقيع معاهدة شيمونوسيكي تنازلت فيها الصين عن السيادة على تايوان لليابان حتى عام 1911 بتأسيس جمهورية الصين.وعندها كانت تتكون من حزبين كبيران هما ((الحزب القومي "الكومينتانغ")) والحزب الشيوعي وتقسم المرحلة التي اندلعت فيها الحرب الأهلية بين تايوان والصين الى مرحلتين هما:-

١_ عام ((1927)).

٢_عام ((1927_1937)).


فالأولى  نشبت حرب أهلية بين الشيوعيين بقيادة ماو تسي تونغ و حزب الكومينتانغ بقيادة تشانغ كاي شيك والمرحلة الثانية عندما توقفت الحرب بينهما بسبب الغزو الياباني على الصين مما أدى الى اتحادهم من أجل مقاومة الغزو الياباني ومحاربتهم وعندها انتهت الحرب اليابانية على الصين عام 1945

وعندها بين عام 1945_1950 اندلعت حرب نتيجتها كانت انتصار الشيوعيين بقيادة ماو تسي تونغ وتأسيس جمهورية الصين الشعبية (بكين) وتحولت عندها جمهورية الصين من دولة رأسمالية قومية إلى دولة شيوعية وخسارة حزب الكومينتانغ القومي بقيادة تشانغ كاي شيك.

والتي أدت خسارته إلى انسحابه من الصين الى جزيرة تايوان واعلن بها عن جمهورية الصين ((الوطنية))،

بزعامته باعتبارها [تابييه] هي الممثل الشرعي الوحيد لجمهورية الصين وليس بكين .وكانت حينذاك تايوان هي عضو مؤسس في الأمم المتحدة وأحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي وحافظت تايوان على هذا الاعتراف والمنصب حتى عام 1971.



موقف المجتمع الدولي والامم المتحدة من تايوان.

في عام 1971 قامت الأمم المتحدة بطلب من جمهورية الصين الشعبية بإصدار قرار رقم 2758 الذي يفيد بإقصاء تايوان من الأمم المتحدة ومنح مقعدها لتمثيل الصين الى  بكين وليس تايبيه ولم تعد عضو دائم في مجلس الأمن وبقيت في الأمم المتحدة بصفة مراقب وليس مؤسس كما في السابق وقد ادى هذا الإجراء الى انهيار المنظومة الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية لتايوان وحتى طبيعة علاقتها مع بقية الدول.

اذ بعد هذا الإجراء خسرت تايوان اعتراف الدول الكبرى بها كفرنسا وألمانيا وبريطانيا…وحتى الوقت الحاضر لم يعترف بتايوان سوى ١٧_١٨ دولة وليست سوى دول صغيرة وجزر تكاد لا تُذكر.


●موقف الولايات المتحدة الأمريكية من تايوان.


في عام 1950 تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن شيانغ (مؤسس جزيرة تايوان) لكنها تراجعت عن هذا موقفها عند اندلاع الحرب الكورية عام 1950 .

وقام الرئيس الامريكي آنذاك هاري ان ترومان بمساعدة تايوان وتقديم الاسطول السابع الى مضيق تايوان لمنع الجيوش الشيوعية الممثلة بجمهورية الصين الشعبية من غزو الجزيرة من البر الرئيسي بسبب الانقسام بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وادى ذلك الى زيادة الحماية العسكرية عام 1954 . لكن مع ذلك سعت في منع تشانع من بدء حرب مع البر الصيني لانها كانت تريد في ذلك الوقت ان تحسن العلاقات مع بكين لمساعدتها (امريكا) في حربها مع فيتنام. والجدير بالذكر إن في عام 1954 قامت الولايات المتحدة بعقد معاهدة دفاع مشترك مع جمهورية الصين الشعبية وفي ذات السنة لوحظ تطور تايوان الى حد كبيرة واستقلالها الذاتي في جميع الشؤون الاجتماعية والاقتصادية والمؤسسية كافة وكذلك عام 1966 تم انشاء أول منطقة لمعالجة الصادرات في احدى المدن التايوانية جنوب تايوان وتحولت الى دولة متقدمة واطلاقها التعليم الالزامي من سن 9 سنوات على الرغم من ان آنذاك كانت 9 دول على مستوى العالم لديها هذا التعليم في هذه المدة واصدارها قانون يبيح زواج المثليين (الشواذ)....

وبعد ذلك مع قام كيسنجر مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي آنذاك بعمل زيارة الى رئيس بكين آنذاك شون آل أي 1979 وكانت الولايات المتحدة آنذاك معترفة بجمهورية تايوان الممثلة للصين لدى الأمم المتحدة وقد وضع عندها الرئيس الصيني مطالب وبالمقابل تعهدات أمريكية التي من ضمنها (مطالب) تعزيز وإعلاء مبدأ الصين واحدة وانها (بكين) الممثل الشرعي الوحيد لجمهورية الصين الشعبية وإن تايوان هي مقاطعة من مقاطعات الصين وأنها جزء لا يتجزأ من الصين.

°ملاحضة:- مبدأ الصين الواحدة يعني ان كل ما كان جزء من مملكة شينغ هو يعتبر جزء من الصين مثل هونع كونغ و وجزيرة مكاو.

وكذلك من مطالب الصين هي الاعتراف الكامل من قبل الولايات المتحدة للصين دون أي تحفظ ووافقت الولايات المتحدة على بعضها على الرغم من معارضة الساحة السياسية في أمريكا  .

أثارت هذه المطالب خشية وتوتر الولايات المتحدة وكذلك الكونغرس الأمريكي الذين كانوا معارضين لفكرة الغاء الاعتراف بتايوان لذلك فكرو بطريقة حيادية ترضي الطرفين وتخدم السياسة الأمريكية وهي سحب القوات الأمريكية من تايوان وإصدار {قانون العلاقات مع تايوان} act of the relationships with taiwan عام 1979 وهو أهم قانون يحدد الالتزامات بشكل حذِر بين الولايات المتحدة وتايوان التي لا تذهب الى التحالف مع تايوان الصديق القديم للولايات المتحدة بل معاملة تايوان كأنها دولة معترف بها واستمرار دعم القدرات الدفاعية لها . لكن ((كأنها كانت تقصد وتقول بأنه الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان إذا قامت الصين بغزوها دون استفزاز من تايوان والعكس صحيح)) وأهم قرار كان سحب اعتراف الولايات المتحدة من تايوان واعطائه الى جمهورية الصين باعتبارها الممثل الوحيد للصين وليس تايبيه  لكن لم تعترف الولايات المتحدة بالسيادة الصينية على تايوان وتبقى العلاقات مع تايوان سواء القنصلية أو الودية لكن ليس الدبلوماسية بالرغم من إرسالها الاسلحة والغواصات الحربية الى الاخيرة لكن هذا من الناحية القانونية لا يعد اعتراف قانوني بالدولة .

أثارت الإجراءات غضب الصين بشكل كبير واعتبرت انها تتعارض مع الصفقة التي أُبرمت مع بكين عام 1979_1982 وكانت محاولة من الولايات المتحدة لارضاء الاطراف لكنها كانت تزعزع ثقة الطرفين بالولايات المتحدة وكانت تعد حينذاك نوعاً من المماطلة الدبلوماسية.


◇ ما الوضع الحالي بين هذه الدول؟

◇لماذا تتمسك الولايات المتحدة بتايوان؟

◇بماذا سيؤثر غزو تايوان من قبل الصين على الولايات المتحدة ومصالحها؟مالذي تملكه تايوان لاستمرار بقائها؟


مع استفزاز الولايات المتحدة للصين باعترافها و ازدياد التوترات والتناقضات بين تصريحات هذه البلدان واستمرار المناورات بين الصين وتايوان وتدريب وتسليح الجيوش استعدادا لاي حرب أو تهديد بها وتزايد التدريبات والقصف على مواقع قريبة على تايوان لكن الصين تقول انها فقط ترد على استفزاز الولايات المتحدة لها.

وعندما حدثت الحرب الأوكرانية الروسية وتصاعد التوترات وانضمام السويد وفنلندا الى حلف الناتو بسبب التهديد الروسي وكونهما قريبان من قوات الناتو العسكرية واستمرار انتهاك الولايات المتحدة لمبدأ الصين الواحدة . بالنسبة للصين تزايدت المخاوف التايوانية من الصين خشية من فعل ذات الشي معها. وازداد التسليح والمناورات والاستعراضات العسكرية خصوصا بعد استفزاز الولايات المتحدة للصين عند تصريحات الرئيس السابق والحالي للولايات المتحدة عن استعداده للدفاع عن تايوان اذا ما قامت الصين بغزو تايوان وكذلك احتفال تايوان بذكرى 100 لتأسيس الصين بتايوان عام 2011.


وفي عام 2001 قام الرئيس بوش رئيس الولايات المتحدة بتغيير السياسة المعتمدة على تايوان بقوله قبل التصريح الأخير بأنه سيدافع عن تايوان ضد أي خطر يحدق بها مما أدى الى قيام الصين عام 2004 بإصدار قانون يبيح لجمهورية الصين الشعبية استخدام وسائل عنف إذا حاولت تايوان الانفصال واستفزاز الصين لكن هذا القانون لم يقف بوجه تايوان لكونها تتسلح بقدرات الولايات المتحدة . جدير بالذكر أن تشانغ كاي شيك بعد الحرب العالمية الثانية التقى برئيس الولايات المتحدة روزفلت ورئيس وزراء بريطانيا آنذاك تشرشل في مؤتمر القاهرة والذي تضمن إرجاع جزيرة تايوان وبعض الجزر الاخرى الى سيادة الصين الشعبية.ومما زاد الأمر توتراً هو تصريحات الولايات المتحدة بخصوص تايوان أنها من جانب تعترف بالصين لكنها مستمرة بتصدير الادوات والاسلحة والمنظومات الدفاعية لتايوان.


اما عن الاجابة عن السؤال الاخير ألا وهو بماذا سيؤثر غزو تايوان على بقية الدول والاخص الولايات المتحدة وما الذي تملكه تايوان لضمان بقائها؟


▪نقول؛ إن السياسة الأمريكية الحالية تقوم على تحقيق هدفين:-

1- ردع الصين عن غزو تايوان.

2- نقل الرقائق الالكترونية الى ابعد من تايوان او الى الولايات المتحدة.

ولكن ما قصة الرقائق الالكترونية؟ ومصانع تايوان ؟

تايوان لديها اكبر واقوى واهم مصانع للرقائق الإلكترونية في العالم اذ 92% من الاقتصاد الأمريكي من هذه الصناعة يعتمد على تايوان لصناعتها وأكثر من 90% من الرقائق في العالم تأتي من تايوان والتي تسعى الولايات المتحدة بشكل مخيف جداً إلى ضمان صناعة واحتكار هذه الصناعة لدرجة أدى بها إلى إصدار قانون الرقائق الإلكترونية وقامت بتخفيض الرسوم واعتماد الإعفاءات الضريبية لكي تشجع الشركات الأمريكية الى استثمار هذه الصناعة وزيادة قدرتها على صناعتها.

مع ذلك كُله تواجه الولايات المتحدة مشكلتين هما:- عدم كفاية إجراءات الولايات المتحدة والوقت لايكفي لعمل ذلك إذ في أي لحظة مع الأوضاع الدولية الراهنة وازدياد المشاحنات بين هذه البلدان قد تقوم الصين بغزو تايوان في أي وقت ومع أن شركة (.....) التايوانية هي المؤسس الأصلي والوحيد لهذه الصناعات والذي يعتمد عليها كثيرا الاقتصاد الأمريكي هذا يشكل أكثر من 10% من اقتصادها.

فإن شركة(.....) الهولندية تمتلك المنشأت التصنيعية والشرائح التطبيقية في صناعتها وهي تعتبر الأكثر تقدماً في العالم في الرقائق الإلكترونية فقد ألزمت الولايات المتحدة هولندا بعدم اعطائها للصين اعتقاداً منها أنه سيؤثر على اقتصاد الولايات المتحدة ويزيد في نسبة غزو تايوان لكي تسيطر الصين على هذه الصناعة ولكن حتى إذا تمكنت من ذلك الاخيرة فانها لن تستطيع لأنهم غير قادرين على تشغيل هذه الآلات والمصانع التي تحركها تايوان حتى الولايات المتحدة لا تستطيع ذلك ….

لكن السؤال هل الصين تريد هذه الشركة والصناعة لتعزيز اقتصادها الذي يحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة؟

الجواب هو ان الصين ليست مهتمة بهذه الصناعة وليست هي السبب لعزو تايوان فالصين غير مكترثة بالرقائق الالكترونية لان قبل هذه الرقائق تعتبر قضية تايوان هي قضية دائمة ومتوارثة والقضية الأولى بالنسبة لجمهورية الصين الشعبية وتريد استعادتها بشكل سلمي او باستخدام القوة

لما كانت جزيرة ماكاو وهونغ كونغ ستستجيب سلمياً لتنضم الى الصين لكن تايوان عنيدة ولن تستجيب خصوصا مع تولي "لاي تشينع تي" عضو في الحزب الديمقراطي التايواني  الرئاسة والذي يدعم الاستقلال والحكم الذاتي لتايوان.


اما عن تأثير غزو تايوان من قبل الصين 

فهو غير الخسائر المادية والعالمية واشتراك دول عظمى لصد هذا الغزو وما ستدفعه لتعمير الخراب الذي يستمر لعقود من الزمن فإن الاقتصاد العالمي سينهار ضعف اضعاف الوضع عن جائحة كوفيد 19.

حيث سينهار اقتصاد تايوان بأكثر من 40% ويتبخر كذلك 16.7% من الناتج المحلي للفرد وكساد اقتصادي كبير واهم خسارة هي مضيق تايوان الذي تقريبا كل دول العالم تقوم بشحن بضائعها في هذا المضيق وعند إغلاقه بسبب الحرب سيتراجع الاقتصاد العالمي أكثر من 10% والامريكي اكثر من 6% ولن ينتعش الا بعد عقود تحديد للخسائر وتضيقيها.


●في نهاية الأمر نقول ولحد هذه اللحظة تعتبر الصين ان تايوان متمردة عليها وأنها تخالف الشرعية القانونية ومأواها هو الصين لكن المقابل تقول تايوان بأنها هي الكيان الوحيد لما يسمى الصين. والجدير بالذكر ان المواطن التايواني يدخل الى الصين دون تأشيرة لان الصين تعتبر أن تايوان هي محافظة وجزء من الصين بمعنى ليست دولة مستقلة لكي تكون بتأشيرة لكن العكس غير صحيح فتايوان تمنع دخول المواطن الصيني إلا بتأشيرة على اساس ان تايوان هي الصين الوحيدة وان بكين هي بلد اجنبي.


المصادر



1 اشرف ابراهيم، العلاقات الامريكية مع تايوان والصين
2 موقع Britannica for researchs
3 documentary;the relationships between Taiwan and China

أحدث أقدم