المحكمة الاتحادية العليا : تُعد اعلى سلطة في العراق حسبما نص عليه دستور الجمهورية العراقية للعام 2005 حيث نصت المادة 94 بانه (قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة) .
وبذلك تتحقق علوية المحكمة الاتحادية العليا على كافة السلطات الأخرى في البلاد والحق ان هذا الامر يبدو سليماً ذلك لان هدف المحافظة على سمو الدستور يُعد اساسياً فكان الدستور العراقي لسنة 2005 مدركاً لتلك الأهمية فجعل نصب عينه ان يضع الركائز لأنشاء مؤسسة تراقب سمو الدستور وتحمي علويتهُ من ان تخترق،
اما الطرف الاخر من الصراع فيعد طرفاً مهماً وله مكانته العريقة ويعد رأس السلطة القضائية في العراق .... بالطبع انها محكمة التمييز الاتحادية بعد ان كانت تسمى ب(محكمة تمييز العراق )
ولقد عبر الدستور العراقي لسنة 2005 عنها بانها ( تتكون السلطة القضائية الاتحادية، من مجلس القضاء الاعلى، والمحكمة الاتحادية العليا، ومحكمة التمييز الاتحادية، وجهاز الادعاء العام، وهيئة الاشراف القضائي، والمحاكم الاتحادية الاخرى التي تنظم وفقا للقانون)(١).
بذلك تكون محكمة التمييز الاتحادية أحد اهم مكونات السلطة القضائية الاتحادية العراقية الى جانب المحكمة الاتحادية العليا .
ولكن البعض قد يختلط عليه بان يجعل المحكمة الاتحادية العليا هي ذاتها محكمة التمييز العراقية، ولكن هيهات، بل ان المحكمتان مختلفتين تماماً فالمحكمة الاتحادية العليا تُعد هيئة قضائية مستقلة وان كان الاستقلال من الجانب المالي بحسب ما ذكرته المادة 92/ اولاً من الدستور .
على الرغم من كل ذلك إلا ان المحكمتين القضائيتين تكاد تكونا متقابلتين من حيث الواقع فيبدو أنهما كسلطة واحدة ولكن لكل منهما مجال مختلف حيث نجد ان المحكمة الاتحادية العليا تهدف وبشكل أساس إلى المحافظة على سمو الدستور من خلال آلية هامة إلا وهي الرقابة الدستورية اللاحقة فهي بتعبير موجز محكمة دستورية أي تختص بالقضاء الدستوري وان كان الدستور العراقي النافذ سماها باعلى سلطة قضائية إلا أنها أعلاها من حيث اختصاصها بالقضاء الدستوري بينما محكمة التمييز الاتحادية التي اسماها الدستور جزءا من السلطة القضائية فهي تكاد تكون اعلى محكمة في البلاد ولكن في غير المجال الدستوري والإداري
ومن هنا نعتقد ان لا علو لمحكمة على أخرى فلكل منهما اختصاص معين
خاصة وان اختيار أعضاء المحكمة الاتحادية العليا يتم بترشيح من قبل السلطة القضائية وموافقه مجلس النواب هذه الطريقة تقترب بالطريقة ذاتها التي يتم بها اختيار أعضاء محكمة التمييز الاتحادية ايضاً ترشيح من قبل رئاسة السلطة القضائية وموافقة مجلس النواب
فالواقع أننا نضع معيار اشبه ما يكون بمعادلة متساوية
اعلى سلطة في القضاء الدستوري = المحكمة الاتحادية العليا
اعلى سلطة في القضاء الإداري = المحكمة الإدارية العليا
اعلى سلطة في غير القضاء الاتحادية
بداية الصراع
لأول وهلة يبدو ان الصراع ذو ابعاد سياسية بحتة فهو لا يعد صراعاً قانونياً فالمشكلات القانونية وان كانت مستعصية فهي دوماً لها حل على عكس المشكلات السياسية كونها لا تتخذ منهجاً ثابت وليس لها ضابط ملائم .
انفجرت ألازمة القضائية في العراق عندما ألغت محكمة التمييز الاتحادية العراقية للمرة الأولى حكمًا أصدرته المحكمة الاتحادية العليا وكان موضوع النزاع هو حزمة تعويضات القاضي المتقاعد، والتي باتت تعدّ الآن غير دستورية ، وكما اسلفنا أن محكمة التمييز الاتحادية تتمتع بالسلطة المطلقة على جميع الأحكام في العراق ملخص الحكم من خمس صفحات وقعه رئيس محكمة التمييز الاتحادية فائق زيدان سعدون في 30 مايو/ أيار، إلى أن قرار المحكمة الاتحادية العليا الصادر في أبريل/نيسان 2023 بشأن حزمة التقاعد للقاضي يعدّل نصًا قانونيا وهو حق قررت المحكمة العليا أنه من اختصاص البرلمان فقط وكون ان مورد النص لا مساغ للاجتهاد فيه وعليه يكون حكم المحكمة الاتحادية العليا باطلاً لان تعديل النصوص التشريعية انما هو اختصاص البرلمان لا اختصاص المحكمة الاتحادية العليا ،
. كما أكد حكم محكمة التمييز على أنها أي المحكمة "تشرف على كافة المحاكم بما فيها المحكمة الاتحادية العليا". علاوة على ذلك، قضى الحكم بقصر اختصاصات المحكمة الأخيرة على المسائل الدستورية، مع الإصرار على أن أي حكم يصدر عن الأخيرة "باطل إذا كان يؤثر على المسائل القضائية"
اثار الصراع
ان العراق وفي الحقبة ما بعد 2003 عانى ولا يزال يعاني من عدم الاستقرار السياسي وان عدم الاستقرار هذا مؤثر على مصالحه الداخلية والخارجية والاقتصادية وعلى إثر ذلك باتت عجلة الحياة في العراق متوقفة على الاستقرار السياسي ومتأثرة بحدته ،
وعليه فان قرار المحكمة التمييز كان له اثر كبير بزيادة حدة التوتر السياسي في العراق خاصة وان المحكمة الاتحادية العليا أصرت بان احكامها ملزمة وباتة للسلطات كافة ويثير قرار محكمة التمييز الاتحادية تساؤلات عدة أهمها
هل ان هذا لصراع كان كرد فعل على استقالة القاضي عبدالرحمن سليمان زيباري من المحكمة الاتحادية العليا والذي استقال احتجاجاً على قرار المحكمة الاتحادية العليا بتوطين رواتب موظفي الإقليم في المصارف الاتحادية
هل ان الصراع ووقته كان لغرض صرف النظر اعلامياً عن احداث فلسطين المحتلة وما يجري فيها
من هي اعلى سلطة قضائية محكمة التمييز ام المحكمة الاتحادية العليا
هل سيجعل قرار محكمة التمييز ان تخضع قرارات المحكمة الاتحادية العليا للمراجعة والمراقبة من قبل الأولى على قرارات الأخيرة
هل ان مراجعة محكمة التمييز الاتحادية يحتمل ابطال قرار المحكمة الاتحادية العليا بشان انهاء مهام رئيس مجلس النواب السابق وبالتالي إعادة رئيس النواب السابق إلى منصبه