بقلم : حسن علي حسن
ان الكمبيالة ووصل الامانه تعتبر من السندات التي تخص الضمان المالي , وكثيرا ما يخلط بينهما, ولاختلاف الاحكام بينهما رأينا ان من المفيد بيان الفرق والاحكام المتعلقة بكل منهما , والسندات عموما وفق القانون العراقي تنقسم الى قسمين سندات رسمية وسندات عادية او كما يطلق عليها البعض بالمحررات العرفية أي التي تعارف الناس على استعمالها . فالكمبيالة (هو سند محرر وفقاً لأوضاع معينة نص عليها القانون تتضمن تعهد من المحرر (صاحب الكمبيالة) إلى المستفيد بدفع مبلغ معين من النقود في مكان وزمان معين او قابل للتعيين أو بمجرد الاطلاع وتكون قابل للتظهير. اما وصل الأمانة (فهو سند محرر في حكم القانون نتفيذاً لعقد الوديعة أي أن المبلغ الوارد به مسلم بموجب هذا الايصال الى المدين على سبيل الوديعة عنده اي على سبيل الامانة ويلتزم برد المبلغ عند الطلب أو في التاريخ المحدد بالايصال فإذا جاء موعد تسديد المبلغ ولم يقم المدين أو المودع له بتسديد المبلغ اعتبر خائناً للامانة .يجب علينا في هذا المقال توضيح مفهوم الكمبيالة والفرق بينها وين وصل الامانة
اولاً: الكمبيالة
تعد الكمبيالة في القانون العراقي احد صور الاوراق التجارية الواردة في قانون التجارة رقم ٣٠ لسنة ١٩٨٤ النافذ ، حيث عرفت المادة (٣٩ ) منه الورقة التجارية بأنها (محرر شكلي بصيغة معينة يتعهد بمقتضاه شخص او يأمر شخصاً اخر فيه بأداء مبلغ معين من النقود في زمان ومكان معينين ويكون قابلاً للتداول بالتظهير او بالمناولة )
وتعرف الكمبيالة فقها على أنها (سند محرر وفق شروط نص عليها القانون يتعهد بموجبها شخص يسمى المحرر (منشئ السند) بان يدفع مبلغ معين من النقود إلى شخص آخر يسمى (المستفيد ) المنتفع من المحرر في زمان ومكان معينين أو لدى الإطلاع وتكون قابلة للتداول بالتظهير) .
أن مدة التقادم في سماع الدعوى نص عليها قانون التجارة في المادة ١٣٥ وهي مدة قصيرة تتراوح ما بين ستة أشهر إلى ثلاث سنوات.
وفي حال المطالبة القضائية أجاز قانون التجارة ايقاع الحجز على أموال ( الساحب أو القابل أو المظهر ) المنقولة دون الحاجة الى تقديم كفيل .
وهنا يتبين من خلال التعريف أن أشخاص الكمبيالة هما اثنان :
١-المحرر وهو منشئ أو صاحب الكمبيالة الذي يعتبر بمثابة المدين في علاقة المديونية والتي كانت سبباً في إنشاء الكمبيالة.
٢-المستفيد وهو الدائن في تلك الكمبيالة.
وأن إنشاء الكمبيالة لا يتطلب الشروط الموضوعية فقط وهي المحل والرضا والسبب وإنما يتطلب عدة شروط شكلية نص عليها قانون التجارة العراقي وهي :
١-شرط الأمر أو عبارة سند لأمر مكتوب في متن السند وباللغة المكتوب بها.
٢- تعهد غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود.
٣- تاريخ الاستحقاق.
٤-مكان الأداء.
٥-اسم من يجب الوفاء له.
٦- تاريخ إنشاء السند ومكان إنشائه.
٧- اسم وتوقيع مقام من صاحب الكمبيالة.
ثانيا: وصل الامانة
يعد وصل الامانة نوع اخر من انواع السندات التي تعد وسيلة لاثبات الدين، ولم يرد في التشريعات العراقية تعريف لوصل الأمانة، وانما اشار اليه قانون التنفيذ العراقي رقم ٤٥ لسنة ١٩٨٠ المعدل في المادة (١٤/اولاً/ب) حيث نصت (اولاً المحررات القابلة للتنفيذ هي : الأوراق التجارية القابلة للتنفيذ والسندات المتضمنة اقراراً بدين).
وبناءاً على ذلك يمكن تعريف وصل الأمانة بأنه: سند محرر بين شخصين إقراراً لدين في ذمة المنشئ أو لإثبات استلام شخص مبلغ من النقود على سبيل الوديعة أو على سبيل الأمانة وتسليمه إلى شخص آخر ويلتزم المدين برد المبلغ إلى صاحبه عند الطلب أو في التاريخ المحدد في الإيصال.
يتضح من هذا التعريف ان وصل الامانة هو آخر وسيلة لإثبات وديعة نقدية بين شخصين، تجعل المسلم دائن والمستلم مدين بمبلغ من النقود
الفرق بين وصل الأمانة والكمبيالة
١- في الكمبيالة أن مدة التقادم في سماع الدعوى نص عليها قانون التجارة في المادة ١٣٥ وهي مدة قصيرة تتراوح ما بين ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وفي حال المطالبة القضائية أجاز قانون التجارة ايقاع الحجز على اموال (الساحب او القابل او المظهر ) المنقولة دون الحاجة الى تقديم كفيل ، اما في وصل الامانة ان مدة التقادم في سماع الدعوى نص عليها القانون المدني وهي خمسة عشر سنة. وفي حال المطالبة القضائية يلتزم المدين بتقديم كفيل ليكون ضامن عند الحجز على أموال المدين استناذاً لأحكام قانون المرافعات المدنية العراقي رقم ٨٣ لسنة ١٩٦٩المعدل .
٢- تتضمن الكمبيالة تعهداً من المحرر بدفع مبلغ معين من النقود الى المستفيد ، على خلاف وصل الأمانة فهو يتضمن اقراراً من المدين على تسلمه مبلغ من النقود ويرد ذلك المبلغ.
٣-يعتبر التعامل بالكمبيالة من الأعمال التجارية التي نص عليها قانون التجارة العراقي حتى لو كان أطرافها من غير التجار ، على خلاف الأمر في وصل الأمانة فلا يعتبر عملاً تجارياً وإنما سند دين يخضع لأحكام القواعد العامة في القانون المدني.
٣-تخضع الكمبيالة عند انشائها لاحكام قانون التجارة العراقي النافذ ، فهي أوراق شكلية حين انشائها اذ يجب ان تتوافر بيانات إلزامية نصت عليها المادة ١٣٣ من قانون التجارة وفي حالة عدم توافر تلك البيانات باستثناء ما أوردته المادة ١٣٤ من قانون التجارة ، لا تعتبر الكمبيالة ورقة تجارية وإنما سند دين عادي يخضع لأحكام القانون المدني وذلك بالاستناد الى علاقة المديونية التي كانت سببا في انشاءه ،على خلاف وصل الأمانة فهو من السندات التي تتضمن إقرار بدين يخضع لأحكام القانون المدني.
٤- يكفي لصحة وصل الأمانة توافر الشروط الموضوعية لصحة كافة التصرفات القانونية وهي الرضا والمحل والسبب ، على خلاف الكمبيالة لابد من توافر الشروط الموضوعية والشكلية معاً لصحتها كورقة تجارية .
٥-لا يشترط لصحة الكمبيالة توافر الصفة الرسمية فيها (اي لا يلزم القانون بأن تكون الكمبيالة في صورة محرر رسمي ) الا اذا ارتضى الأطراف على ذلك ، على خلاف وصل الأمانة فأن اضفاء الصفة الرسمية عليه امراً ضرورياً من الناحية القانونية ( الاثبات ، التنفيذ، والإجراءات القضائية) ولزيادة الثقة وقبول التعامل به بين الاطراف ، واذا تعذر إضفاء الصفة الرسمية عليه فلا أقل من تنظيمها وتحريرها امام شهود وإلا فهو ادعاء بتصرف معدوم ولا يترتب عليه أي حق يمكن التمسك به ما لم يقر المدين بذلك .
٦- تخضع الكمبيالة كبقية الأوراق التجارية لأحكام قانون الصرف ومبادئه لاسيما مبدأ التشدد على المدين للوفاء بالتزاماته ، حيث لا يمنح المدين مهلة للوفاء بعد تاريخ الاستحقاق وجعل سريان الفوائد عند الامتناع عن الوفاء تسري من تاريخ المطالبة بالدين وليس من تاريخ عمل الاحتجاج ، على خلاف الأمر في وصل الامانة حيث أجاز القانون المدني منح المدين نظرة الميسرة )مهلة للوفاء بدينه كما حدد المشرع التجاري لحامل الورقة التجارية مدة محددة لإثبات الامتناع عن الوفاء وسحب الاحتجاج الخاص به وإلا اعتبر حاملا مهملا يفقد حقه في الرجوع على الضامنين.
٧- في الكمبيالة يلزم الدائن بقبول الوفاء الجزئي أي قبول مبلغ يعرض عليه من المدين عند الوفاء في ميعاد الاستحقاق وإلا سقط حقه في الرجوع بمقدار ذلك الجزء وذلك للتخفيف على الملتزمين بالورقة التجارية حيث تبرأ ذمتهم قبل الحامل بمقدار هذا الوفاء نظرا لالتزامهم بالضمان ، وهذا خلافا للقواعد العامة التي يخضع لها وصل الامانة ، حيث لا يجبر الدائن على قبول الوفاء بجزء من الدين .
٨- الحق الثابت في الكمبيالة قابل للانتقال من المستفيد الى شخص اخر وتداولها عن طريق التظهير فهو إجراء خاص لنقل الحقوق وتداول الأوراق التجارية نص عليه قانون التجارة العراقي ، اما نقل الحق في إيصال الأمانة فيتم استنادا للقواعد العامة لانتقال الحقوق في القانون المدني لاسيما حوالة الحق ، إذ يجوز لكل دائن ان يحول الى غيره ماله من حق على مدينه وهذا ما نصت عليه المادة ٣٦٢ من القانون المدني العراقي .
المصادر :
الكتب :
١- ابراهيم جاسم محمد ، شرح القواعد في ازالة الضرر ، جامعة تكريت ٢٠١٧
٢- د. باسم محمد صالح ، القانون التجاري / الجزء الاول
٣-د. حسن علي الذنون ، النظرية العامة للالتزام مكتبة السنهوري
القوانين :
١- القانون المدني العرقي رقم ٤٠ لسنة ١٩٥١.
٣- قانون المرافعات المدني رقم ٨٣ لسنة ١٩٦٩المعدل.
٤- قانون الاثبات العرقي رقم ١٠٧ لسنة ١٩٧٩ المعدل.
٥- قانون التنفيذ العراقي رقم ٤٠ لسنة ١٩٨٠ المعدل. .
٦- قانون التجارة العراقي رقم ٣٠ لسنة١٩٨٤.